بسم
الله الرحمن الرحيم. الإخوة الأعزاء، سنتكلم في هذا المقال، مقال [7]، من سلسلة مقالات
[فتاوى الموقع الشهير]، عن معضلة منطقية وردت في سورة الرحمن. وسأورد رأيي في المعضلة،
ثم أعقب في نهاية المقالة على إجابة الموقع الشهير.
المعضلة
هي:
كيف
يعود الضمير على ما لم يتم إظهاره أولاً؟!. وقد أشار إلى هذه المخالفة المنطقية في
سورة الرحمن الأستاذ أحمد قبانجي في إحدى ندواته. كيف يقول [فبأيّ آلاء ربكما تكذبان]
في آية [13]، وهو لم يذكر كلمتيّ [الإنس والجِنّ] قبل تلك الآية؟. كيف؟!!.
رأيي
في هذه المعضلة هو أن لفظ [الإنسان] يشمل [الإنس والجن والملائكة]، فهم ثلاثة أصناف
من البشر.
يؤيدني
فيما ذهبت إليه قوله تعالى في سورة الناس [الذي يوسوس في صدور الناس . من الجِنّة
والناس]، فقوله: [في صدور الناس . من الجنة والناس] تعني أن الجِنة والناس صنفان من
الناس. وقد وجدتّ أحد المفسرين ذهب إلى ذلك الرأي: (الجنة والناس) صنفان من الناس،
لكن ليس الملائكة. من وجهة نظري الإنس والجن والملائكة أصناف من البشر.
قال
الرازي: وقال قوم: [من الجنة والناس] قسمان مندرجان تحت قوله (في صدور الناس) لأن القدر
المشترك بين الجن والإنس يسمى إنسانًا، والإنسان أيضًا يسمى إنسانًا، فيكون لفظ الإنسان
واقعًا على الجنس والنوع بالاشتراك، والدليل على أن لفظ الإنسان يندرج فيه لفظ الإنس
والجن ما روي أنه جاء نفر من الجن فقيل لهم: من أنتم؟ قالوا: ناس من الجن. وأيضًا قد
سماهم الله رجالاً في قوله: (وأنه كان رجال من الإنس يعوذن برجال من الجن).
وقد
قلتُ من قبل بأن [الرتبة الخَلْقية] تعني بمنتهى البساطة [البشر]. فلا يوجد رتبة خلقية
أخرى غير البشر. ف الإنس والجن والملائكة هم ثلاثة أصناف من البشر، حسب درجة الكمال
والنقص.
أما
نزول الملائكة من السماء فهو بمنتهى البساطة أحد أمرين:
أ-الولادة
الجديدة على الأرض.
ب-نزول
بعض الرسل السماويين لأداء بعض المهام على الأرض.
وهكذا
فإن معنى ملائكة هو: أ-البشر المتطورون [خالقي الأرض]، أو ب-البشر الأرضيون الكاملون.
هذا،
وقد ذهب الموقع الشهير يميناً ويساراً، في تعليل لماذا تم ذكر [فبأيّ آلاء ربكما تكذبان]
في آية [13] دون عَوْد الضمير على مُظْهَر. ولم يجد مخرج من هذه المعضلة.
الإنسان
= الإنس + الجن + الملائكة
الإنس
والجن: بشر ناقصون [متكاملون]، الملائكة: بشر كاملون.
ناقص
= غير كامل = متكامل
الإنسان
في سورة الرحمن تساوي الإنس والجان.
الرحمن . علم القرآن . خلق الإنسان . علمه
البيان
الرحمن . علم القرآن . خلق الإنس
والجان .
علمهما البيان
المقال
سيستغرق 5 دقائق لقراءته. وهو واضح، وفقراته غير مضغوطة.
أرجو
أن يعود المقال بالنفع على الإخوة القراء.
والآن
إلى نَص الفتوى:
==================================================
المراد
من التثنية في قوله تعالى: (فبأي آلاء ربكما تكذبان)
الثلاثاء
10 شوال 1438 - 4-7-2017
رقم
الفتوى: 355489
السؤال:
في
سورة الرحمن لاحظت ملاحظة جميلة، وهي كالتالي: ذكرت آية: (فبأي آلاء ربكما تكذبان)
في السورة مكررة 31 مرة، ومن الواضح فيها أن التثنية تعود على الإنس والجن، لكن السؤال
هنا: لماذا ذُكرت أول آية: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) رقم 13، مع أن أول ذكر للإنس والجن،
جاء بعدها مباشرة، وليس قبلها، وكان من المفترض أن يأتي قبلها؟ أرجو الرد، وشكرًا.
الإجابة:
الحمد
لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الخطاب في الآية جاء بصيغة التثنية، فحمله كثير
من أهل العلم على خطاب الثقلين: الجن والإنس معًا، وحمله بعضهم على خطاب الإنس فقط،
ولكنه جاء على ما عرف عند العرب من خطاب الواحد بخطاب المثنى، كما في قول امرئ القيس:
قفا
نبك ...
وقول
الشاعر:
فإن
تَزجُراني بابن عفانَ أنزجِر. . . وإن تدعاني أَحم أنفًا مُمَنّعا.
ويدل
لترجيح القول الأول، دخول الثقلين في كلمة الأنام، وتوجيه الخطاب إليهما صريحًا، فيما
سيأتي من قوله: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ {الرحمن:31}، وقوله: يَا مَعْشَرَ
الْجِنِّ وَالْإِنْسِ {الرحمن:33}، وقوله: يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ
وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ {الرحمن:35}.
فقد جاء في تفسير الطبري: فإن قال: لنا قائل: وكيف
قيل: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) فخاطب اثنين، وإنما ذُكر في أول الكلام واحد، وهو الإنسان؟
قيل: عاد بالخطاب في قوله: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) إلى الإنسان والجان، ويدل على
أن ذلك كذلك، ما بعد هذا من الكلام، وهو قوله: (خلق الإنسان من صلصال كالفخار * وخلق
الجان من مارج من نار).
وقد
قيل: إنما جعل الكلام خطابًا لاثنين، وقد ابتدئ الخبر عن واحد؛ لما قد جرى من فعل العرب،
تفعل ذلك، وهو أن يخاطبوا الواحد بفعل الاثنين، فيقولون: خلياها يا غلام، وما أشبه
ذلك، مما قد بيناه من كتابنا هذا في غير موضع. اهـ.
وفي
تفسير القرطبي: قوله تعالى: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) خطاب للإنس والجن؛ لأن الأنام
واقع عليهما، وهذا قول الجمهور، يدل عليه حديث جابر المذكور أول السورة، وخرجه الترمذي،
وفيه: ( لَلْجن أحسن منكم ردًّا). وقيل: لما قال: (خلق الإنسان)، (وخلق الجان) دل ذلك
على أن ما تقدم وما تأخر لهما. وأيضًا قال: (سنفرغ لكم أيه الثقلان)، وهو خطاب للإنس
والجن، وقد قال في هذه السورة: (يا معشر الجن والإنس).
وقال
الجرجاني: خاطب الجن مع الإنس، وإن لم يتقدم للجن ذكر، كقوله تعالى: (حتى توارت بالحجاب)،
وقد سبق ذكر الجن فيما سبق نزوله من القرآن، والقرآن كالسورة الواحدة، فإذا ثبت أنهم
مكلفون كالإنس، خوطب الجنسان بهذه الآيات، وقيل: الخطاب للإنس على عادة العرب في الخطاب
للواحد بلفظ التثنية، حسب ما تقدم من القول في (ألقيا في جهنم)، وكذلك قوله:
قفا
نبك ...
فأما
ما بعد (خلق الإنسان)، و(خلق الجان) فإنه خطاب للإنس والجن، والصحيح قول الجمهور. اهـ.
وقال
ابن الجوزي في زاد المسير في علم التفسير: قوله عز وجل: فبأي آلاء ربكما تكذبان. فإن
قيل: كيف خاطب اثنين، وإنما ذكر الإنسان وحده؟ فعنه جوابان، ذكرهما الفراء:
أحدهما:
أن العرب تخاطب الواحد بفعل الاثنين، كما بينا في قوله: ألقيا في جهنم.
والثاني:
أن الذكر أريد به: الإنسان والجان، فجرى مجرى الخطاب لهما من أول السورة إلى آخرها.
قال
الزجاج: لما ذكر الله تعالى في هذه السورة ما يدل على وحدانيته من خلق الإنسان، وتعليم
البيان، وخلق الشمس والقمر، والسماء والأرض، خاطب الجن والإنس، فقال: فبأي آلاء ربكما
تكذبان، أي: فبأي نعم ربكما تكذبان من هذه الأشياء المذكورة؛ لأنها كلها منعم بها عليكم
في دلالتها إياكم على وحدانيته، وفي رزقه إياكم ما به قوامكم. اهـ.
والله أعلم.
==================================================
إلى
هنا انتهت الفتوى.
المهم
بالنسبة للموقع الشهير هو أن يستشهد بأقوال ابن كثير، والقرطبي، والطبري، والشوكاني،
وابن القيم. لا أن يكون الجواب منطقياً.
لماذا
لم يَذكروا رأي الرازي في [من الجِنة والناس]؟.
أرجو
أن يعود المقال بالنفع على الإخوة القراء.
صلاح
الحريري
18
فبراير، 2019...الإثنين
أرجو
ألا أكون قد أطلتُ...وشكراً.
No comments:
Post a Comment