تكلمنا في أصول فهم القرآن-15،16-عن بعض المقدمات الصحيحة لفهم القرآن، والآن نكمل الحديث عن باقي المقدمات الصحيحة لفهم القرآن وهي:
-الألفاظ غير واضحة الدلالة في القرآن لا يؤخذ بمعناها المعجمي المستقى من القرآن.
-الإحتراز في التحول من ظاهر لمضمر ثم لظاهر آخر ثم مضمرات أخرى.
-وزن الآية أو العبارة.
-تفريغ الذهن من أي أحكام مسبقة وإعداده لممارسة الجدل بمنتهى الحرية.
-الألفاظ غير واضحة الدلالة في القرآن لا يؤخذ بمعناها المعجمي المستقى من القرآن، وهذا أمر بديهي، فإذا كان اللفظ-س-غير واضح المعنى في القرآن، ثم بحثنا عن معناه في المعاجم، فوجدنا المعجم يقول: س تعني ص ، ولا يوجد معنى آخر غير ص، س تعني ص لقوله تعالى في القرآن كذا كذا كذا.........هذا يُعد عته، لأن اللفظ س غير واضح الدلالة في القرآن أصلاً.
أما إذا ذكر المعجم معاني عديدة للفظ س ، وقال: من بين هذه المعاني، المعنى كذا لقول القرآن كذا كذا كذا ، فهنا قد يكون تدخُّل من المعجم في تفسير القرآن ، أي ص هي تفسير ل س وليس معنى ل س ، و قد يكون معنى اللفظ س هو أحد المعاني الأخرى التي لم يخترها صاحب المعجم.
ويُفضل أن يستشهد على معنى اللفظ س بأقوال الشعراء القدماء ، أو ما ورد عن العرب الأقدمين.
إذا لم يذكر المعجم من معنى اللفظ س ، سوى الإستشهاد بعبارات من القرآن، إذاً فقد يكون المعنى مستقى من أحد اللغات الأخرى التي ساهمت في تكوين القرآن كالآرامية والعبرية والسريانية واليونانية، أو قد يكون المعنى هو اشتقاق بعيد للفظ س.
مثال:
لفظ غِسلين، ورد في معناه في المعجم أنه: ما يخرج من الثوب ونحوه بالغَسْل، أو هو ما يسيل من جلود أهل النار من القيح ونحوه لقوله تعالى في الحاقة-36-"ولا طعام إلا من غسلين"، هنا قول صاحب المعجم (هو ما يسيل من جلود أهل النار من القيح ونحوه) هو تفسير وليس معنى ، ولا يصح أن يكون معنى لكلمة غسلين التي وردت في القرآن.
-الإحتراز في التحول من ظاهر لمضمر ثم لظاهر آخر ثم مضمرات أخرى:
مثال ذلك قوله تعالى في سورة الزمر آية-21 " ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعاً مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما "الزمر-21 ، هنا كان يتكلم عن الماء النازل من السماء ثم تكلم بالإضمار عن الماء ثم ذكر الزرع الخارج بالماء ثم تكلم بالإضمار مرة أخرى فقال ثم يهيج فتراه مصفراً.
لا نعلم هنا، الضمير في(ثم يهيج فتراه مصفرا) يعود على الزرع أم على الماء، الراجح هو عَوْد الضمير على الماء، لأنه لو كان يعود على الزرع لقال ( ثم يهيج الزرع فتراه"أيْ الزرع"مصفراً) ليزيل الإلتباس تماماً.
إذاً الراجح، والصواب أن الضمير في (يهيج) يعود على الماء. أيْ: ثم يهيج الماء فتراه مصفراً ثم يجعل الماء حطاماً.
إذاً تجب اليقظة عند التحول في المظهرات والمضمرات.
-وزن الآية أو العبارة:
مثال ذلك: قوله تعالى " قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين ".
هنا وزن العبارة يقتضي أن نجريها مرة مع الشق الأول(أوَعظت) ، ومرة مع الشق الثاني (أم لم تكن من الواعظين).
مع الشق الأول: سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين، هنا أم لم تكن من الواعظين تعني أم لم تعظ.
إذاً سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين تعني سواء علينا أوعظت أم لم تعظ.
مع الشق الثاني: سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين تعني، وتتحول إلى، سواء علينا أكنت من الواعظين أم لم تكن من الواعظين.
طَبْ، هل هناك فرق بين الوزنة الأولى والوزنة الثانية؟!
بالطبع هناك فرق، بل قد يصل الفرق إلى عكس المعنى تماماً، كما في هذه الآية (قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين)،
في الوزنة الأولى يُثبت أنه واعظ
في الوزنة الثانية يُثبت أنه...غير...واعظ
بالنسبة للوزنة الثانية: أيْ كأنه يقول لهم ، أنا لست بواعظ، فيردون عليه بقولهم: سواء علينا أكنت من الواعظين أم لم تكن من الواعظين.
وترجيح الوزنة الأولى على الثانية ، أو ترجيح الوزنة الثانية على الأولى يكون حسب القرائن في الآية أو سياق الآيات حولها أو سياق السورة أو سياق آيات في سورة أو سور أخرى.
فقد توجد قرينة في الآية ترجح أحد الوزنتين على الأخرى، وقد توجد القرينة في سياق آيات عديدة أخرى أو في سياق السورة...وهكذا.
وقد تُرجَّح أحد الوزنتين باعتبار ما ، ثم ترجح الوزنة الأخرى باعتبار آخر.
-تفريغ الذهن من أي أحكام مسبقة وإعداده لممارسة الجدل بمنتهى الحرية:
الدوجمائية (العقائدية) والميول الشخصية الخاطئة(الهوى) والضعف العقلي و اللاوعي الجماعي تُعَد هي أسباب عدم فهم القرآن، فهي معوقات فهم القرآن.
معوقات فهم القرآن:
-اللاوعي الجماعي
-اللاوعي الشخصي
-اللاوعي الشخصي هو واحد أو أكثر من المشاكل الآتية:
-الدوجمائية (العقائدية)
-الميول الشخصية الخاطئة(الهوى)
-الضعف العقلي
والقرآن هو أصلاً جاء إلى العرب لعلهم يعقلون، لعلهم يتعلمون الجَدَل.
فاللاوعي الجماعي و الضعف النفسي(دوجمائية-ميول شخصية خاطئة) والضعف العقلي هي معوقات الجَدَل.
ويكفي أن يعلم من يتعامل مع القرآن من العرب بأنه نشأ في عالم لاواعي و بأنه ضعيف نفسياً أو عقلياً أو هما معاً، ثم يترك باقي المهمة للقرآن، فيعالج القرآن نفسَه وعقلَه، ويدربه على الجَدَل.
إلى هنا تنتهي سلسلة مقالات أصول فهم القرآن.
لكم جزيل الشكر،
-الألفاظ غير واضحة الدلالة في القرآن لا يؤخذ بمعناها المعجمي المستقى من القرآن.
-الإحتراز في التحول من ظاهر لمضمر ثم لظاهر آخر ثم مضمرات أخرى.
-وزن الآية أو العبارة.
-تفريغ الذهن من أي أحكام مسبقة وإعداده لممارسة الجدل بمنتهى الحرية.
-الألفاظ غير واضحة الدلالة في القرآن لا يؤخذ بمعناها المعجمي المستقى من القرآن، وهذا أمر بديهي، فإذا كان اللفظ-س-غير واضح المعنى في القرآن، ثم بحثنا عن معناه في المعاجم، فوجدنا المعجم يقول: س تعني ص ، ولا يوجد معنى آخر غير ص، س تعني ص لقوله تعالى في القرآن كذا كذا كذا.........هذا يُعد عته، لأن اللفظ س غير واضح الدلالة في القرآن أصلاً.
أما إذا ذكر المعجم معاني عديدة للفظ س ، وقال: من بين هذه المعاني، المعنى كذا لقول القرآن كذا كذا كذا ، فهنا قد يكون تدخُّل من المعجم في تفسير القرآن ، أي ص هي تفسير ل س وليس معنى ل س ، و قد يكون معنى اللفظ س هو أحد المعاني الأخرى التي لم يخترها صاحب المعجم.
ويُفضل أن يستشهد على معنى اللفظ س بأقوال الشعراء القدماء ، أو ما ورد عن العرب الأقدمين.
إذا لم يذكر المعجم من معنى اللفظ س ، سوى الإستشهاد بعبارات من القرآن، إذاً فقد يكون المعنى مستقى من أحد اللغات الأخرى التي ساهمت في تكوين القرآن كالآرامية والعبرية والسريانية واليونانية، أو قد يكون المعنى هو اشتقاق بعيد للفظ س.
مثال:
لفظ غِسلين، ورد في معناه في المعجم أنه: ما يخرج من الثوب ونحوه بالغَسْل، أو هو ما يسيل من جلود أهل النار من القيح ونحوه لقوله تعالى في الحاقة-36-"ولا طعام إلا من غسلين"، هنا قول صاحب المعجم (هو ما يسيل من جلود أهل النار من القيح ونحوه) هو تفسير وليس معنى ، ولا يصح أن يكون معنى لكلمة غسلين التي وردت في القرآن.
-الإحتراز في التحول من ظاهر لمضمر ثم لظاهر آخر ثم مضمرات أخرى:
مثال ذلك قوله تعالى في سورة الزمر آية-21 " ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعاً مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما "الزمر-21 ، هنا كان يتكلم عن الماء النازل من السماء ثم تكلم بالإضمار عن الماء ثم ذكر الزرع الخارج بالماء ثم تكلم بالإضمار مرة أخرى فقال ثم يهيج فتراه مصفراً.
لا نعلم هنا، الضمير في(ثم يهيج فتراه مصفرا) يعود على الزرع أم على الماء، الراجح هو عَوْد الضمير على الماء، لأنه لو كان يعود على الزرع لقال ( ثم يهيج الزرع فتراه"أيْ الزرع"مصفراً) ليزيل الإلتباس تماماً.
إذاً الراجح، والصواب أن الضمير في (يهيج) يعود على الماء. أيْ: ثم يهيج الماء فتراه مصفراً ثم يجعل الماء حطاماً.
إذاً تجب اليقظة عند التحول في المظهرات والمضمرات.
-وزن الآية أو العبارة:
مثال ذلك: قوله تعالى " قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين ".
هنا وزن العبارة يقتضي أن نجريها مرة مع الشق الأول(أوَعظت) ، ومرة مع الشق الثاني (أم لم تكن من الواعظين).
مع الشق الأول: سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين، هنا أم لم تكن من الواعظين تعني أم لم تعظ.
إذاً سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين تعني سواء علينا أوعظت أم لم تعظ.
مع الشق الثاني: سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين تعني، وتتحول إلى، سواء علينا أكنت من الواعظين أم لم تكن من الواعظين.
طَبْ، هل هناك فرق بين الوزنة الأولى والوزنة الثانية؟!
بالطبع هناك فرق، بل قد يصل الفرق إلى عكس المعنى تماماً، كما في هذه الآية (قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين)،
في الوزنة الأولى يُثبت أنه واعظ
في الوزنة الثانية يُثبت أنه...غير...واعظ
بالنسبة للوزنة الثانية: أيْ كأنه يقول لهم ، أنا لست بواعظ، فيردون عليه بقولهم: سواء علينا أكنت من الواعظين أم لم تكن من الواعظين.
وترجيح الوزنة الأولى على الثانية ، أو ترجيح الوزنة الثانية على الأولى يكون حسب القرائن في الآية أو سياق الآيات حولها أو سياق السورة أو سياق آيات في سورة أو سور أخرى.
فقد توجد قرينة في الآية ترجح أحد الوزنتين على الأخرى، وقد توجد القرينة في سياق آيات عديدة أخرى أو في سياق السورة...وهكذا.
وقد تُرجَّح أحد الوزنتين باعتبار ما ، ثم ترجح الوزنة الأخرى باعتبار آخر.
-تفريغ الذهن من أي أحكام مسبقة وإعداده لممارسة الجدل بمنتهى الحرية:
الدوجمائية (العقائدية) والميول الشخصية الخاطئة(الهوى) والضعف العقلي و اللاوعي الجماعي تُعَد هي أسباب عدم فهم القرآن، فهي معوقات فهم القرآن.
معوقات فهم القرآن:
-اللاوعي الجماعي
-اللاوعي الشخصي
-اللاوعي الشخصي هو واحد أو أكثر من المشاكل الآتية:
-الدوجمائية (العقائدية)
-الميول الشخصية الخاطئة(الهوى)
-الضعف العقلي
والقرآن هو أصلاً جاء إلى العرب لعلهم يعقلون، لعلهم يتعلمون الجَدَل.
فاللاوعي الجماعي و الضعف النفسي(دوجمائية-ميول شخصية خاطئة) والضعف العقلي هي معوقات الجَدَل.
ويكفي أن يعلم من يتعامل مع القرآن من العرب بأنه نشأ في عالم لاواعي و بأنه ضعيف نفسياً أو عقلياً أو هما معاً، ثم يترك باقي المهمة للقرآن، فيعالج القرآن نفسَه وعقلَه، ويدربه على الجَدَل.
إلى هنا تنتهي سلسلة مقالات أصول فهم القرآن.
لكم جزيل الشكر،
No comments:
Post a Comment