Tuesday, May 1, 2018

أصول فهم القرآن 9....المأثور، من تمنطق فقد، نص تاريخي، لا اجتهاد مع، المكي يفسر المكي

تكلمنا في أصول فهم القرآن-8- عن بعض المقدمات الفاسدة من نحو : السنة مفسرة للقرآن، السنة شارحة للقرآن، السنة مكملة للقرآن، السنة قاضية على القرآن.

نكمل الآن الحديث عن باقي المقدمات الفاسدة، في هذا المقال وما يليه....لكن قبل ذلك نكمل الحديث عن بعض التعليقات على تفسير القرآن بالسنة.

يقولون التفسير بالمأثور......ما هو التفسير بالمأثور؟....هو وفق كلامهم تفسير القرآن بالقرآن، أو تفسير القرآن بالسنة، أوتفسير القرآن بالمروي عن الصحابة و التابعين، فَ الصحابة و التابعين هم أدرى الناس بالقرآن و بتفسير القرآن...لماذا؟ لقرب عهدهم بالرسول.أقول :أما قولهم من التفسير بالمأثور هو تفسير للقرآن بالقرآن...عدُّوا ذلك من التفسير بالمأثور...وهذا خطأ كبير لأن تفسير القرآن للقرآن لا يُعدّ تفسيراً بالمأثور....لماذا؟ لأن القرآن حاضر بين أيدينا...كل ما نحتاجه هو إتقان اللغة، و إجادة المنطق و المنطق الأعلى ثم دع بعد ذلك آيات و عِبارات و ألفاظ القرآن تبين بعضها بعضاً...فَ التفسير للقرآن بالقرآن لا يُعدّ تفسيراً بالمأثور.

أما تفسير القرآن بالسنة (المرويّات) فهذا قد تصح تسميته تفسيراً بالمأثور ...لكن ليكن حاضراً في أذهاننا أن المرويّات التي وردت عن النبي محمد و التي تفسر بعض آيات من كتاب الله لا تتجاوز 1%، وهي ظنية ثبوتاً و لفظاً ومعنىً .

أماتفسير القرآن بالمأثور عن الصحابة و التابعين ك ابن عباس، ابن مسعود، الضحاك، مجاهد، قتادة و نحوهم فهذا أيضاً قد نطلق عليه تفسير بالمأثور، وهو ليس بالكثير أيضاً، و هو أيضاً ظني ثبوتاً و لفظاً و معنىً............فلا نعلم إن كانت هذه المرويّات عن الصحابة و التابعين قد ثبتت أم لا، و هي أيضاً، كما قلنا ظنية ثبوتاً و لفظاً و معنىً.وكما أسلفنا أن أسباب النزول ليست تفسيراً للقرآن...هل فسر صحابي أو تابعي القرآن بالقرآن مُسْنِداً معنى آية لآية أو معنى جملة لجملة..أو معنى عبارة لعبارة..أو معنى لفظ للفظ...غاية ما فسره الصحابة و التابعين هو معاني الألفاظ...لكن التفسير بمفهومه الحقيقي فغير موجود في تفسير الصحابة و التابعين...فكيف يُعَوَّل عليه...وكما قلنا أن أسباب النزول ليست تفسيراً....لأن أسباب النزول وردت في مرويّات ظنية ثبوتاً و لفظاً و معنىً...وحتى لو سَلّمْنا بصحتها فبمجرد إضافة الآية إلى كتاب الله، فقد حرّرْناها بذلك من السياق التاريخي، و صارت الآية جزء من كل، هذا الكل هو القرآن ككل..فَ أسباب النزول لا تعنينا من قريب أو بعيد، و حتى لو سَلّمْنا بصحتها.وهكذا فَ تفسير الصحابة و التابعين للقرآن ليس تفسيراً بالمعنى الصحيح للكلمة.

نرجع الآن للحديث عن باقي المقدمات الفاسدة التي أدت إلى الفهم الخاطئ للقرآن :

قولهم من تمنطق فقد تزندق

قولهم القرآن نَصّ تاريخي

قولهم لا اجتهاد مع النَصّ

قولهم المكي يفسر المكي و المدني يفسر المدني



أما قولهم من تمنطق فقد تزندق، فلا أدري إن كانوا يحششون أم لا، لا أدري إن كانوا يشربون الويسكي أم لهم شرابٌ آخر غيره...من عَرف كيف يعمل العقل فقد تزندق!!!...من عرف ميزان اللغة فقد تزندق!!!....من عرف نَحْو اللغة، أيّ لغةٍ كانت، فقد تزندق، فقد صار زنديقاً أي كافراً....أي أن الإسلام و الإيمان هما من نصيب المجانين لماذا ؟لأنك إذا صرت عاقلاً فقد كفرت، أو تزندقت....الحق يقول (إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون)و يقول (إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون)...و الآن قل لي يا صاحب من تمنطق فقد تزندق بماذا تفهم أنت كلام الله، سيقول لك أفهمه بالمأثور من سنة النبي و المأثور من أقوال الصحابة و التابعين، ومن لغة العرب، أي اللغة العربية، لأنها هي التي نزل بها القرآن....أقول له...اللغة العربية التي ستفهم بها القرآن هي المنطق، لأن المنطق هو ميزان اللغة، أي لغة في أي مكان في العالم.....يبدو أنك لا تعلم ما معنى كلمة لغة، ولا تفهم ما معنى كلمة منطق.....اذهب و اضبط معنى مصطلحاتك ثم بعد ذلك تكلم عن كتاب الله...أنت لا تفهم معنى كلمة لغة أصلاً، فكيف ستكلم الله في القرآن، كيف ستفهم مراد الله......

المنطق الأرسطي في مجمله يعتبر مقدمة لفهم كتاب الله، يليه المنطق الأعلى المستخلص من المنطق الأرسطي من خلال كتاب الله قال تعالى (و لقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون) فَ استخلاص المنطق الأعلى من المنطق الأرسطي ضرب الله لكل جزئية منه مثلاً في القرآن.

قولهم القرآن نص تاريخي....القائل بهذا القول هو بعض العلمانيين، و المتسلفة من الوهابيين و أشباههم من القائلين بالناسخ و المنسوخ..وهم بذلك إما أرادوا حذف القرآن من حياة الجماعة المؤمنة بالقرآن...إما كله كما في بعض العلمانيين أو بعضه كما في حالة المتسلفة من الوهابية و أشباههم........أقول :حتى أسباب النزول، إن صَحَّت فإنه بمجرد إضافة الآية إلى كتاب الله، فقد صارت جزءاً من كلٍّ، و قد تم عزلها عزلا تاما من سياقها التاريخي.و تحريرها تحريراً تاماً من الزمان و المكان، فلم نعد بأي حاجة على الإطلاق لمعرفة سبب النزول...فهو لا يلزمنا بأي وجه من الوجوه....تقول لي كيف ذلك؟ كيف لم نعد بحاجة لمعرفة أسباب النزول؟...أقول لك اوزنها جيداً و سوف تجد أن ما أقوله هو الصحة بعينها....كل التفاسير التي أسهبت في ذكر أسباب النزول...حدثنا فلان عن فلان عن فلان أن هذه الآية نزلت في كذا....حدثنا فلان عن فلان عن فلان أن هذه الآية نزلت في كذا...حدثنا فلان عن فلان عن فلان أن هذه الآية نَسَخَت كذا...كل هذا لا طائل من ورائه...وهو حشو يصرفنا عن الفهم الحقيقي لدلالات كتاب الله......فَ القرآن مُحَرَّر من الزمان و المكان.

حتى الكتاب المقدس، الذي يناسبه، حسب طبيعته، يناسبه الناسخ والمنسوخ، فقد تم تحريره من سياقه التاريخي، و صار كلاًّ واحداً يفسر بعضه بعضاً.

قولهم لا اجتهاد مع النص

هم عكسوها تماماً...الصواب :لا اجتهاد إلا مع النص...لأن النص بطبيعته يدعونا إلى الإجتهاد...فَ القرآن لم يأتي لكي يفهمه الكسالى، بل المجتهدين والمجتهدين فقط هم الذين يستطيعون سبر أغوار القرآن...فهو كتاب للمجتهدين...سيقول قائلهم ولكني لا أقصد ذلك و إنما أقصد أنه إذا ما ختلفنا في حكم من الأحكام وورد بشأن هذا الحكم نص محكم فلا اجتهاد مع النص...أقول ماذا تقصد بقولك نَصٌّ محكم؟...تقول أي قطعي الدلالة...أقول إذاً كان الصواب أن تقول لا اجتهاد مع قطعي الدلالة....وكما أسلفنا :القرآن كله ظني الدلالة في مبدئه، قطعي الدلالة في منتهاه، القرآن كله يحتاج إلى اجتهاد....تعلَّم أن تتكلم قبل أن تحاول التكلم مع الله.

قولهم المكي يفسر المكي و المدني يفسر المدني

القرآن كله وحدة واحدة بمكيه ومدنيه فلا اعتبار لتقسيمة المكي و المدني، فهي لا تعنينا في شئ، و لن تفيدنا من قريب أو من بعيد في فهم القرآن، و قد أشرت إلى وحدة القرآن في مقالاتي في عرب تايمز التي بعنوان (الظلم النفسي في القرآن )يمكنكم الرجوع إليها...اكتب في محرك البحث في جوجل(صلاح الحريري عرب تايمز)ادخل و اقرأ و يفضل القراءة بالترتيب.

أرجو ألا أكون قد أطلت و شكراً.

No comments:

Post a Comment