Tuesday, May 1, 2018

أصول فهم القرآن 7....مفسرة، شارحة، مكملة، قاضية[1]

تكلمنا في أصول فهم القرآن-6 عن الناسخ والمنسوخ و الآن نتكلم عن باقي عناصر الموضوع : المقدمة، المقدمة الفاسدة، المقدمة الصحيحة، المنطق القرآني .

لكن قبل الدخول في عناصر الموضوع ..نوجز بعض النقاط عن الناسخ و المنسوخ أيضاً .

بالنسبة لما يظنون أنه نُسِخ لفظاً ...هل هناك حديث ولو ضعيف يقول : هذه الآيات الأربع أو الخمس (مثلاً) كانت تُقرأ بهذا التتابع الآية الأولى كذا،ثم الثانية كذا،ثم الثالثة كذا ،ثم الرابعة كذا،ثم الخامسة كذا..ثم بعد نسخ آية كذا و إضافة آية كذا صارت تُقرأ بهذا التتابع ...هل يوجد مروية بهذا الوصف...أظن أنه لا يوجد .

وَرَدَنا أن النبي و الصحابة كانوا يحفظون القرآن...حفظ استظهار...فكما يقولون القرآن كان يحفظ في الصدور و السطور...و بناءً عليه فعملية النسخ (الإلغاء) و الإضافة و التعديل في الترتيب تجعل عملية الحفظ ليست شبه مستحيلة ، بل هي بالفعل مستحيلة..و لكي نصدق هذا الكلام لا بد و حتماً أن نكون من مواطني بلاد الواق واق .

و إذاً فَ النسخ بجميع أنواعه }لفظاً و حكماً{و }لفظاً لا حكماً{و }حكماً لا لفظاً{هو وهم عظيم....مقدمة فاسدة...أدت و تؤدي إلى نتائج فاسدة...إذا كنت عاجز عن فهم كتاب الله ، مع أنه أسهل من السهولة ، فقل أنا عاجز عن فهم هذا الكتاب ، لكن لا تفرض افتراضات فاسدة تزيد الطين بلة .



نعود الآن إلى المقدمة...ما هي المقدمة ؟ هي ببساطة ما يتقدم الشئ...هي ما يأتي أولاً في الرتبة...هي ما ينبني عليه...هي السبب.

مقدمة تؤدي إلى نتيجة

سبب يؤدي إلى نتيجة

المقدمة و النتيجة أو السبب و النتيجة هما أحد طرفي القضية المنطقية.....و القضية المنطقية هي ما يحتاج لإثبات أو نفي .

فمثلاً

القضية المنطقية....هل هناك نسخ في القرآن؟ نحتاج لإثباتها أو نفيها ،نحتاج للرد عليها بِ نعم أو لا....نعم يوجد نسخ...لا لا يوجد نسخ.

ننظر فيما يؤدي إليه النسخ ...إلى ماذا يؤدي النسخ؟ يؤدي النسخ إلى أن هناك آيات أو أجزاء من آيات في القرآن لا معنى لها ...هذا بالنسبة للنسخ حكماً لا لفظاً...و يؤدي أيضاً إلى تلاوة و التعبد بما لا معنى له ....إذاً هذه مقدمة فاسدة....لماذا؟...لأنها تؤدي إلى نتيجة فاسدة...وهكذا.

إذاً فالمقدمة هي ما يسبق النتيجة...و هي تحتاج إلى فحص دقيق للتأكد من صحتها ..حتى لا تدخلنا في متاهة من المقدمات و النتائج الفاسدة الأخرى .



نتكلم الآن عن بعض المقدمات الفاسدة الأخرى ،غير النسخ و المحكم و المتشابه،والتي أدت إلى إساءة فهم القرآن.

فمن هذه المقدمات الفاسدة قولهم :

السنة مفسرة للقرآن....السنة شارحة للقرآن ...السنة مكملة للقرآن ...السنة قاضية على القرآن

إن قلت للقائل بهذه المقدمة الفاسدة : ما معنى السنة مفسرة للقرآن؟ يقول لك أي شارحة له....إذاً فما معنى شارحة له ؟ يقول أي مكملة له....و هناك بعض المهفوفين من المُتَسَلِّفة وصل به السفه أن يقول السنة قاضية على القرآن .

فعندهم مفسر = شارح = مُكَمِّل و عند بعضهم تساوي أيضاً قاضي.

لكن في الميزان اللغوي الصحيح مفسر لا تساوي شارح لا تساوي مكمل لا تساوي قاضي .

فَ النّص المفَسِّر يكون أقصر من النص الشارح و هو يشتمل على مجموعة ملاحظات تبين ما أبهم و أشكل من النص المفَسَّر. و مثال ذلك المذكرة التفسيرية مذكرة صغيرة تبين لك كيف تفهم النص الأصلي.

و إذاً...فَ التفسير أقصر من الشرح وقد وردت المادتان في القرآن العظيم ...قال تعالى ( ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق و أحسن تفسيراً)الفرقان-33- و قال تعالى ( ألم نشرح لك صدرك ) الشرح-1-

أما النص المُكَمِّل فيعني أن النص الأصلي غير كامل ، يعني ناقص، يعني وفق كلامهم القرآن غير كامل،ناقص، فَ معنى السنة مكملة للقرآن أن القرآن نص غير كامل إما غير كامل لفظاً و معنى أو غير كامل معنىً ...يعنى بمنتهى البساطة دعاة السنة مكملة للقرآن يطعنون من حيث لا يدرون في كمال القرآن..

سيقول قائلهم لكني لم أقصد هذا ،لقد كنت أقصد كذا، أقول إذاً حضرتك تقول كلام لا تفهم معناه ،أي أنك عاجز عن البيان ،لا تكاد تُبين،فكيف ستكلم الله في القرآن.

أما القائل بأن السنة قاضية على القرآن ، فمن يجرؤ على مثل هذا القول هو المتسلفة و الوهابية و من شابههم.

معنى السنة قاضية على القرآن هو ببساطة أن السنة هي الدستور و القرآن هو القوانين و اللوائح.

سيقول قائلهم لكني لم أقصد هذا ،لقد كنت أقصد كذا ، أقول يعني حضرتك تقول كلاماً لا تفهم معناه....تعلّم الكلام قبل أن تبدأ الكلام مع الله.

في قولهم السُّنة كذا ،و السُّنة كذا تدليس ...لماذا ؟ لأن السنة هي ما نستن به .و ليس كل ما ورد عن النبي نستن به فقد كان وفق كلامهم له بعض الشرائع الخاصة به ،التي لا تسري على بقية الأمة،و بالتالي بعض ما صدر عنه نستن به و البعض الآخر لا نستن به، و بالتالي الصواب أن نقول عن السنة المرويَّات وبالتالي يقال وفق كلامهم:

المرويات مفسرة للقرآن

المرويات شارحة للقرآن

المرويات مكملة للقرآن

المرويات قاضية على القرآن

طبعاً هذا وفق كلامهم....و طبعاً المرويات هذه ظَنِّية لفظاً و معنى.

وبين مفسرة وشارحة يا قلب لا تحزن...وبين مكملة و قاضية يا عين لا تدمع.

نكمل في المقالات التالية...أرجو ألا أكون قد أطلت ..إن أعجبك المقال أرجو أن تصوت لي.

راجع مقالات صلاح الحريري عل عرب تايمز ..اكتب في محرك البحث في جوجل(صلاح الحريري عرب تايمز) اقرأ بالترتيب ...شكرا.

No comments:

Post a Comment